فصــل
في أسمائه
وكلها نعوت ليست أعلاماً محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به تُوجِبُ له المدحَ والكمال.
فمنها محمد، وهو أشهرها، وبه سمي في التوراة صريحاً كما بيناه بالبرهان الواضح في كتاب
«جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام» ................
والمقصود أن اسمه محمد في التوراة صريحاً بما يوافق عليه كلُّ عالم من مؤمني أهل الكتاب.
ومنها أحمد، وهو الاسم الذي سماه به المسيح، لسرٍّ ذكرناه في ذلك الكِتابِ.
ومنها المتوكِّل، ومنها الماحي، والحاشر، والعاقب، والمُقَفِّي، ونبيُّ التوبة، ونبيُّ الرحمة، ونبيُّ الملحمة، والفاتحُ، والأمينُ.
ويلحق بهذه الأسماء: الشاهد، والمبشِّر، والبشير، والنذير، والقاسِم، والضَّحوك، والقتَّال، وعبد الله، والسراج المنير، وسيد ولد آدم، وصاحبُ لواء الحمد، وصاحب المقام المحمود، وغير ذلك من الأسماء، لأن أسماءه إذا كانت أوصاف مدح، فله من كل وصف اسم، لكن ينبغي أن يفرق بين الوصف المختص به، أو الغالب عليه، ويشتق له منه اسم، وبين الوصف المشترَك، فلا يكون له منه اسم يخصه.
وقال جبير بن مُطْعِم: سمَّى لنا رسول الله نفسه أسماء، فقال: «أنا مُحَمَّدٌ، وأنا أحْمَدُ، وأنا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الكُفْرَ، وأنا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، والعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبيٌّ».
وأسماؤه نوعان:
أحدهما: خاص لا يُشارِكُه فيه غيره من الرسل، كمحمد، وأحمد، والعاقب، والحاشر، والمقفي، ونبي الملحمة.
والثاني: ما يشاركه في معناه غيره من الرسل، ولكن له منه كماله، فهو مختص بكماله دون أصله، كرسول الله، ونبيه، وعبده، والشَّاهدِ، والمبشِّرِ، والنَّذيرِ، ونبيِّ الرحمة، ونبيِّ التوبة.
وأما إن جعل له مِن كل وصف من أوصافه اسم،
تجاوزت أسماؤه المائتين، كالصادق، والمصدوق، والرؤوف الرَّحيم، إلى أمثال ذلك. وفي هذا قال من قال من الناس: إن لله ألفَ اسمٍ، وللنبي ألفَ اسم، قاله أبو الخطاب بنُ دِحيةَ ومقصوده الأوصاف.
<منقول بتصرف>
زاد المعاد
ابن قيم الجوزية